هو مقرر شرعًا، وانظر قوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ (الرعد: ٤٣) والمراد بـ ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ هم علماء أهل الكتاب الذين أسلموا، كما قال أكثر المفسرين.
بعد هذا نصوص منعت، ونصوص وافقت وأباحت، هل هناك توفيق بين النصوص؟
نعم، إن أمامنا الآن نصوص أجازت الأخذ عن بني إسرائيل، تقابلها نصوص منعت الأخذ عن بني إسرائيل بأنهم حرفوا كلام الله من بعد ما عقلوه، وأخفوا منه الكثير، ونسوا حظًّا مما ذكروا به، نصوص هذه في جهة، وتلك في جهة أخرى.
وللتوفيق بين هذه النصوص نقول:
إن ما جاء منها موافقًا لشريعتنا، فإنه مقبول، وتجوز روايته، وعليه تحمل النصوص القرآنية التي تحمل في طياتها جواز الرجوع إليهم، وكذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج)) وسائر النصوص الأخرى في هذا المعنى. أما ما جاء مخالفًا لشريعتنا، فلا يُعقل أن تحمل عليه النصوص الشرعية الدالة على الرجوع إليهم والتحديث عنهم؛ لأن ما ينقل عنهم كذب، ورواية المكذوب غير جائزة إلا إذا كانت الرواية مقترنة ببيان كذب ما فيها، وعلى هذا تحمل الأحاديث والآيات التي تدل على المنع من الأخذ عن أهل الكتاب، كالآيات التي تحدثنا عنها، والأحاديث كذلك.
أما ما سكتت عنه شريعتنا، فلا وسيلة لنا للجزم بتصديقه، ولا بتكذيبه أيضًا، وعليه فلا يسعنا إلا التوقف في أمره، وعليه ينطبق حديث: ((لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم)).