ففي قوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى * وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾ (طه: ١٧ - ٢٣) تدل هذه الآيات على أن موسى -عليه السلام- لم يكن يعرف ما في العصا من أسرار، وإنما عَرَف ذلك بعدما ألقاها بأمر ربه، ولما تحولت إلى حية تسعى خاف منها، فأم َّ نه الله.
وكون العصا آية من آيات الله الكبرى يبطل كل ما ذكر فيها من روايات، فإن العصا عصى عادية تمامًا، وليست كما صوروا، وقد صوروها ووصفوها بكل هذه الأوصاف التي لا ت ُ تصو َّ ر قبل أن يوحى إلى موسى -عليه السلام - وكانت العصا آية ومعجزة لموسى بعد الوحي، كما أن هناك فرقًا بين المقامين كما جاء في حال موسى والعصا في سورة "النمل" و"القصص".
قال الإمام النسفي في المآرب: إ ن العصا شعبتاها تكونان شمعتين بالليل، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا قال موسى لأهله: ﴿امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ (القصص: ٢٩).
قضية الأجلين:
أي الأجلين قضى موسى -عليه السلام- مع صهره؟
الذي يظهر من نص القرآن الكريم أن موسى قضى أبعد الأجلين عشر سنين عند صهره، وهذا ما تدل ّ عليه الآية: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾ (القصص: ٢٩)، ذكرت الآية هذا الكلام، وع ُ طفت بالفاء، والفاء للترتيب والتعقيب، يعني: عقب انقضاء الأجل سار موسى لأهله، وقد