الفصل الثاني الآيات المتشابهة، والحكمة منها
مدخل: سبق تعريف المتشابه اصطلاحا بأنه: ما احتمل أوجها من التأويل فيحتاج إلى بيان. ومنشأ التشابه يعود إلى خفاء مراد الشارع من كلامه، والخفاء يعود إلى أسباب ثلاثة:
١ - خفاء في اللفظ، مثل: فواتح السور، أو في المفرد بسبب اشتراكه بين عدّة معان، مثل العين: تأتي للجارحة، ونبع الماء، والذهب، والفضة، وغير ذلك.
٢ - خفاء في المعنى، مثل: ما جاء في القرآن الكريم والسّنّة الشريفة وصفا لله تعالى أو لأهوال القيامة، أو لنعيم الجنة، وعذاب النار، فإنّ العقل البشري لا يمكن أن يحيط بحقائق صفات الخالق، ولا بأهوال القيامة، ولا بنعيم أهل الجنة وعذاب النار، وكيف السبيل إلى أن يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسّه وما لم يكن فينا مثله ولا جنسه؟
٣ - خفاء في اللفظ والمعنى معا، مثل قول الله تعالى: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها [البقرة: ١٨٩] فقد كان العرب في الجاهلية إذا أحرموا وأرادوا دخول بيوتهم- وكانوا من أهل البيوت لا من أهل الخيام- نقبوا نقبا في ظهور بيوتهم يدخلون ويخرجون منه، وإن كانوا من أهل الأخبية خرجوا من خلف الأخبية، فنزل: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها [البقرة: ١٨٩]. فمنشأ الخفاء في