والكيف مجهول: أي تعيين مراد الشارع مجهول لنا لا دليل عندنا عليه ولا سلطان لنا به. والسؤال عنه بدعة؛ أي الاستفتاء عن تعيين هذا المراد على اعتقاد أنه ما شرعه الله بدعة، لأنه طريقة في الدين مخترعة مخالفة لما أرشدنا إليه الشارع من وجوب تقديم المحكمات وعدم اتباع المتشابهات.
وما جزاء المبتدع إلا أن يطرد ويبعد عن الناس خوف أن يفتنهم لأنه رجل سوء، وذلك قوله: وأظنك رجل سوء، أخرجوه عني. انتهى «١».
الحكمة من ذكر المتشابه:
١ - رحمة الله بالإنسان، فقد أخفى سبحانه وقت الساعة (يوم القيامة) ليبقى الناس في كدح واستعداد، وليبتعدوا عن الخوف الذي يفتك بنفوسهم، ويقعدهم عن العمل.
٢ - الابتلاء والاختبار، في إيمان البشر بالغيب ثقة بخبر الصادق، وتميّز المؤمنين المهديين عن الكفرة وأهل الزيغ والضلال ٣ - إقامة الدليل على عجز الإنسان وجهالته مهما عظم استعداده وغزر علمه، إذا ما قورن علمه بعلم الله تعالى: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف: ٧٦].
٤ - كلما كان التشابه موجودا، كان الوصول إلى الحق أشق، وزيادة المشقة تقتضي زيادة الأجر والثواب.
٥ - اشتمال القرآن الكريم على المحكم والمتشابه، يضطر الناظر فيه إلى البحث عن الأدلة، فيخلص الراسخ في العلم من ظلمة التقليد، ويتميز الخواص عن العوامّ، وتبرز مكانة العقل وأهمية إعماله في فهم آيات كتاب الله خاصة، وفي فهم دلائل قدرة الله في الكون عامة.