أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» «١».
وإنما يكون أكثر الأنبياء تابعا لأن معجزته تشاهد بالبصيرة، ومعجزات غيره تشاهد بالبصر، وما يشاهد بالبصيرة باق يشاهده كلّ من جاء باستمرار.
ولما كان القرآن المعجزة الخالدة الكبرى؛ كان الحديث عن إعجاز القرآن من أهم الأبحاث المتعلقة بالقرآن وآدابه وعلومه، وهو لبها وجوهرها، وأساسها وعمدتها،
على أن الحديث عن الإعجاز ضرب من الإعجاز، لا يصل الباحث فيه إلى سرّ منه، حتى يجد وراءه جوانب أخرى يكشف عن سرّ إعجازها الزمن، فهو كما يقول الرافعي: وما أشبه القرآن الكريم- في تركيب إعجازه وإعجاز تركيبه- بصورة كلامية من نظام هذا الكون الذي اكتنفه العلماء من كل جهة وتعاوروه من كل ناحية، وأخلقوا جوانبه بحثا وتفتيشا، ثم هو بعد لا يزال عندهم على كل ذلك خلقا جديدا، ومراما بعيدا، وصعبا شديدا، وإنما بلغوا منه- إذ بلغوا- نزرا تهيأت لضعفه أسبابه، وقليلا عرف لقلته حسابه، وبقي ما وراء ذلك من الأمر المتعذر الذي وقفت عنده الأعذار، والابتغاء المعجز الذي انحط عنده قدر الإنسان، لأنه مما سمت به الأقدار «٢».
وصدق الله العظيم إذ يقول: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: ٤١ - ٤٢].
١ - تعريفه:
الإعجاز- لغة- إثبات العجز، وهو الضعف والقصور عن فعل الشيء، وهو
(٢) إعجاز القرآن للرافعي (ص ١٥٧).