ولم يتعارض شيء ثابت منها مع آية من آيات القرآن أو فكرة من أفكاره، وهذا وحده إعجاز. أضف إلى ذلك أن القرآن يرفع مكانة العلم والعلماء ويحث على طلبه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة: ١١].
وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه: ١١٤].
وهكذا فإن إعجاز القرآن العلمي كائن في أنه يحث المسلمين على التفكير، ويفتح لهم أبواب المعرفة، ويدعوهم إلى ولوجها والتقدم فيها، وقبول كل جديد راسخ من العلوم.
ج- الإشارة إلى بعض الحقائق العلمية: رغم ما ذكرناه من حقيقة الإعجاز العلمي في القرآن فإننا مع ذلك نلمح فيه إشارات إلى حقائق علمية، جاءت في سياق الهداية الإلهية، وتركت للعقل البشري أن يبحث فيها ويتدبر، ليجد كلّ عصر في القرآن ما يبرهن على إعجازه وأنه من عند خالق البشر. جاء في (ظلال القرآن) عند تفسير قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: ١٨٩]: اتجه الجواب إلى واقع حياتهم العملي لا إلى مجرد العلم النظري، وحدّثهم عن وظيفة الأهلة في واقعهم وفي حياتهم، ولم يحدثهم عن الدورة الفلكية للقمر وكيف تتم، وهي داخلة في مدلول السؤال. إن القرآن قد جاء لما هو أكبر من تلك المعلومات الجزئية، ولم يجيء ليكون كتاب علم فلكي أو كيماوي أو طبي، كما يحاول بعض المتحمسين له أن يتلمسوا فيه هذه العلوم، أو كما يحاول بعض الطاعنين فيه أن يتلمسوا مخالفاته لهذه العلوم. انتهى.
وإليك بعض هذه الإشارات واللطائف العلمية:
١ - قوله تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ [الحجر: ٢٢] فالتلقيح في النبات ذاتي وخلطي، والذاتي: ما اشتملت زهرته على عضوي التذكير والتأنيث، والخلطي: هو ما كان عضو التذكير فيه منفصلا عن عضو التأنيث كالنخيل،