المجرد إلى الرسم المصور.
ومثال ذلك قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [الحج: ١١] إذ تصور لنا ذلك التردد- الذي يحار فيه ويتبلبل ذلك الإنسان الذي لم ترسخ العقيدة في قلبه؛ ولم تتضح صورة الإيمان في نفسه- بصورة إنسان يقوم ليؤدي عبادة على أرض لا تستقر عليها أقدامه، وإلى جنبه واد عميق يخشى السقوط فيه، فهو قلق مضطرب.
٢ - التخييل الحسي:
وهو تلك الحركة التي يضفيها التصوير القرآني على اللوحة الصامتة فيبث فيها الحياة، ويحولها إلى منظر حي متحرك، فهو لا يكاد يعبر بالصورة المحسة والمتخيلة- عن المعنى الذهني أو الحالة النفسية- حتى يرتقي بالصورة التي رسمها فيمنحها الحياة النابضة، والحركة المتجددة، فإذا المعنى الذهني حركة يرتفع بها نبض الحياة، وإذا الحالة النفسية لوحة متحركة أو مشهد حي.
ومن أمثلة ذلك:
أ- قوله تعالى: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج: ٥]. فانظر كيف استحالت الأرض الجامدة كائنا حيا، بلمسة واحدة، في لفظة واحدة (اهتزت) وكأنها ذاك الكائن الحي الذي أخمد الظمأ أنفاسه، حتى إذا مس الماء أحشاءه عادت إليه الحياة وانبعث فيه النشاط.
ب- قوله تعالى: وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ [التكوير: ١٨] فالحياة تخلع- في هذه الآية- على الصبح وكأنه أصبح كائنا حيا يتنفس، فتتنفس معه الحياة، وتشرق بإشراقة من ثغره، ويدب النشاط في الأحياء على وجه الأرض والسماء.