- واقرأ أيضا قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [النساء: ٧٢] لترتسم صورة التباطؤ في جرس العبارة كلها، وإن اللسان ليكاد يتعثر وهو يتخبط فيها حتى يصل ببطء إلى نهايتها.
- واقرأ كذلك أول ما نزل من القرآن من سورة العلق، لترى ذلك التناسق بين المعاني والأهداف، وذلك الجرس الموسيقى الأخّاذ إذ يقول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي
خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ
[العلق: ١ - ٥].
٢ - نماذج تصويرية من القرآن الكريم:
١ - قال الله تعالى: وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ [الأنعام: ٣٥].
كان يكبر على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كفر قومه وإعراضهم عما جاء به، فنزلت هذه الآية توضح له: أنه لا جدوى من أن يضيق صدره بكفرهم، وإلا فليجهد نفسه وليبذل قصارى ما في وسعه ليأتيهم بما يحملهم على تصديقه، ويدخل الإيمان في قلوبهم إن استطاع.
هذه المعاني صوّرتها الآية بمشهد ترسم فيه تألمه صلّى الله عليه وسلّم من إعراضهم في صورة شيء يضخم ويكبر حجمه، حتى يثقل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حمله، ويضيق به ذرعا، ويسعى للخلاص منه، كما ترسم فيه الجهد الذي لن يأتي بطائل، بصورة من ينبعث نحو كل جهة في قلق وبحث، ليتخلص من عبء عالق به. وهكذا فقد عبرت عن المعنى الذهني بصورة محسوس متخيل تنبعث فيه الحركة والحياة، مع شيء من التجسيم والتفخيم.
٢ - قال الله تعالى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي