يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى: ٥١].
فالوحي أولا: إلقاء المعنى في القلب، وقد يعبّر عنه بالنّفث في الرّوع
قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، ألا فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» «١»
وهو- بالضم- القلب والخلد والخاطر.
وثانيا: الكلام من وراء حجاب، وهو أن يسمع كلام الله من حيث لا يراه، كما سمع موسى عليه السلام نداء ربه من وراء الشجرة قال تعالى:
فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [القصص: ٣٠].
وثالثا: هو ما يلقيه ملك الوحي المرسل من الله تعالى إلى رسول الله، فيراه متمثلا بصورة رجل أو غير متمثل، ويسمعه منه أو يعيه بقلبه. وهذا النوع الثالث أشهر الأنواع
وأكثرها وقوعا، ووحي القرآن كلّه من هذا القبيل، وهو المسمّى:
(الوحي الجلي) قال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥].
٣ - حالات الوحي:
كان جبريل عليه السلام يأتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حالات متنوعة:
١ - فتارة يظهر للرسول في صورته الحقيقية الملكية، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى [النجم: ١٨] قال: رأى جبريل في

(١) رواه أبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢٧) بسند صحيح عن أبي أمامة رضي الله عنه، والبغوي في شرح السنة (٤/ ٣٠٤) وفي إسناده رجل مجهول.


الصفحة التالية
Icon