وهذه اللمسات من العظات والعبر تكون:
١ - تارة في ثنايا القصة وخلالها، وخذ مثلا على ذلك ما ذكر في سورة طه أثناء عرض قصة موسى عليه السلام مع فرعون، حيث يقول الله تعالى:
قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى [طه: ٤٩ - ٥٤].
فالقصة حوار بين موسى وفرعون حول وجود الخالق سبحانه وتعالى، ولكنها تتحول عن ذكر حوادث القصة وسردها إلى التذكير بما يتناسب مع السياق من العظات والتوجيهات، فتذكر بعظمة الله تعالى وتلفت النظر إلى مظاهر ألوهيته، وتنصب الدلائل على وجوده ووحدانيته، وتبعث في النفس الشعور بوجوب شكره على عظيم آلائه ووافر فضله، ولا تغفل أن تذكر بالموت ثم البعث والنشور والوقوف بين يدي هذا الخالق، يوم لا تغني نفس عن نفس شيئا والأمر يومئذ لله.
٢ - وتارة تكون في مقدمة القصة أو قبلها، ومثال ذلك ما ذكر في سورة الحجر من قوله تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ [الحجر: ٤٩ - ٥٠]. ثم سرد القصص التي تدل على الرحمة: كقصة إبراهيم عليه السلام وتبشيره بالغلام بعد كبر سنه، وكذلك القصص التي تدل على العذاب: كقصة لوط عليه السلام مع قومه وما حاق بهم من العذاب.
٣ - وتارة تكون بعد ذكر القصة، ومثال ذلك ما جاء من هذه العظات والتنبيهات الرائعة في سورة يونس عليه السلام من قوله تعالى: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَما


الصفحة التالية
Icon