فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء: ٦٥] فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: ٤٠]. فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ [الذاريات: ٢٣]. وأمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يقسم به في ثلاثة مواضع:
في قوله: قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن: ٧] وقوله: قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ: ٣] وقوله: قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ [يونس: ٣٥].
٢ - وأقسم تعالى فيما بقي من القرآن بمخلوقاته، كقوله: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَالصَّافَّاتِ وَالشَّمْسِ وَاللَّيْلِ وَالضُّحى.
فإن قيل: كيف أقسم الله بالخلق، وقد ورد النهي عن القسم بغير الله؟
أجيب بأوجه:
أ- أنه على حذف مضاف، أي ورب التين، ورب الشمس...
ب- إن العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون.
ج- إن الأقسام إنما تكون بما يعظم المقسم أو يجلّه وهو فوقه، والله تعالى ليس شيء فوقه، فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لأنها تدل على بارئ وصانع.
وقد نقل السيوطي عن ابن أبي الإصبع أنه قال: القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع، لأن ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل، إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل.
أما حلف العباد بغير الله فهو ضرب من الشرك،
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» «١».
وعن الحسن قال: إن الله يقسم بما شاء من خلقه، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله «٢».

(١) رواه البخاري في الأيمان والنذور (٦٢٧٠) ومسلم في الأيمان (١٦٤٦) (٣).
(٢) الإتقان (٢/ ١٠٤٩) وعزاه إلى ابن أبي حاتم في تفسيره.


الصفحة التالية
Icon