٢ - ولأن ترجمة القرآن بهذا المعنى مثل للقرآن، وكل مثل للقرآن مستحيل، وقد ثبت أن القرآن تحدى أفصح العرب أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه، فعجزوا عن المعارضة
والمحاكاة، ولا شك أن غير العرب أشد عجزا وبعدا عن ذلك، قال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: ٨٨].
ب- وأما كونها محرمة شرعا فللأمور التالية:
١ - إن طلب المستحيل العادي حرام أيا كان الطلب ولو بطريق الدعاء، وأيا كان هذا المستحيل ترجمة أو غير ترجمة، لأنه ضرب من العبث وتضييع للوقت والمجهود في غير فائدة، والله سبحانه وتعالى يقول: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: ١٩٥].
٢ - إن محاولة هذه الترجمة ادعاء لإمكان وجود مثل القرآن... وذلك تكذيب شنيع لقوله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ [الإسراء: ٨٨] إلخ الآية.
٣ - إن الأمة قد أجمعت على عدم جواز رواية القرآن بالمعنى، ومعلوم أن ترجمة القرآن بهذا المعنى العرفي تساوي روايته بالمعنى، فكلتاهما صيغة مستقلة وافية بجميع معاني الأصل ومقاصده، لا فرق بينهما إلا في القشرة اللفظية. فالرواية بالمعنى لغتها لغة الأصل، وهذه الترجمة لغتها غير لغة الأصل. وإذا كانت رواية القرآن بالمعنى في كلام عربي ممنوعة إجماعا، فهذه الترجمة ممنوعة كذلك قياسا على هذا المجمع عليه، بل أحرى بالمنع للاختلاف بين لغتها ولغة الأصل.
٤ - إن الناس جميعا مسلمين وغير مسلمين متفقون على أن الأعلام لا يمكن ترجمتها، سواء كانت موضوعة لأشخاص أم لبلاد أم لحيوان أم لكتب ومؤلفات.
والقرآن الكريم علم رباني أراد الله سبحانه ألفاظه دون غيرها، وأساليبه دون سواها؛


الصفحة التالية
Icon