العشرين الصابرين المحتسبين أجرهم عند الله يغلبون مائتين، وأن المائة الصابرة يغلبون ألفا؛ لأنهم يقاتلون عن عقيدة ثابتة ونفس مطمئنة، وأعداؤهم يقاتلون حميّة جاهلية ولأغراض شيطانية خبيثة.
وثبات المسلم أمام عشرة فما دون هي مرتبة العزيمة، والمطلب الإلهي الأول، ثم رخص سبحانه للمسلم أن يثبت لاثنين، وكان التخفيف الإلهي في المطلب الثاني بسبب ضعف الأبدان وكثرة التكاليف وأعباء الجهاد في سبيل الله، مع ملاحظة أنه لا عبرة للعدد ولا للكثرة إذا لم تتوفر القوة المعنوية الناتجة عن جهاد النفس والالتزام بتعاليم الشرع.
٣ - الأحكام الشرعية والتوجيهات المستفادة:
أ- الأحكام الشرعية:
١ - التحريض على الجهاد: وهو من واجبات القائد، وكان من سنة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصفّ جنوده من الصحابة في مواجهة الأعداء، ويحثهم على القتال ويذمّرهم عليه، كما قال لأصحابه يوم بدر، حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم:
«قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» «١».
٢ - الأمر بالثبات، والبشارة بالنصر: أوجب الله على المسلمين في أول الأمر الإقدام على الجهاد مع العزيمة والشجاعة، والصبر والمصابرة، وثبات الفرد المسلم أمام العشرة، وبشرهم بالنصر والغلبة، ثم نسخ الله تعالى الأمر، وأبقى البشارة «١». وهذه المقابلة- وهي الواحد بالعشرة- فلم ينقل أن المسلمين صافّوا المشركين عليها قط «٣».
٣ - التخفيف من الله تعالى: فقد أوجب سبحانه الثبات لرجلين، فخفّف

(١) انظر تفسير القرطبي (٨/ ٤) وتفسير ابن كثير (٢/ ٤٠٣).
(٣) انظر أحكام القرآن، لابن العربي (٢/ ٨٧٧).


الصفحة التالية
Icon