(يا بني آدم) فهو مكي؛ لأن الكفر كان غالبا على أهل مكة، فخوطبوا بيا أيها الناس أو يا بني آدم، وإن كان غيرهم داخلا فيهم. أما ما صدر من القرآن بعبارة (يا أيها الذين آمنوا) فهو مدني؛ لأن الإيمان كان غالبا على أهل المدينة، وإن كان غيرهم داخلا فيهم. ويعترض على هذا القول:
أ- بأنه غير ضابط، ولا يفيد الحصر، لأن في القرآن ما نزل خطابا لغير الفريقين؛ مثل قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ [الأحزاب: ١].
ب- وهذا التقسيم غير مطّرد، لوجود آيات مدنية صدّرت بصيغة (يا أيها الناس) ووجود آيات مكية صدّرت ب (يا أيها الذين آمنوا).
ج- وهذا التقسيم لن يفيدنا شيئا في دراسة تاريخ القرآن الكريم؛ لما فيه من استبعاد الجانب الزمني.
٣ - أن المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة. وهذا الاصطلاح هو أصوب وأشهر الاصطلاحات الثلاثة وأولاها بالقبول، لأنه يأخذ في اعتباره تاريخ النزول، ولهذا أهمية في معرفة الناسخ والمنسوخ واستنباط الأحكام. وعليه فآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ
دِيناً
[المائدة: ٣] مدنية، مع أنها نزلت يوم الجمعة بعرفة في حجة الوداع.
وكذلك آية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [النساء: ٥٨] فإنها مدنية، مع أنها نزلت بمكة في جوف الكعبة عام الفتح الأعظم.
٢ - الطريقة الموصلة إلى معرفة المكي والمدني:
إن الطريقة الوحيدة إلى معرفة المكي والمدني هي الرواية الصحيحية عن الصحابة والتابعين، لأنه لم يرد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيان للمكي والمدني، ولم يكن