أخرج ابن أبي داود: أن أبا بكر رضي الله عنه قال لعمر وزيد رضي الله عنهما: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه «١».
وأخرج أيضا: عن عبد الرحمن بن حاطب قال: قدم عمر فقال: من كان تلقّى من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في المصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان «٢».
قال ابن حجر: المراد بالشاهدين الحفظ والكتابة.
وكلام السخاوي في (جمال القرّاء) يفيد: أن المراد بهما رجلان عدلان، فإنه قال: المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «٣».
والذي يدلّ على ما أفاده كلام السخاوي ما أخرجه ابن أشتة «٤» في (المصاحف) عن الليث بن سعد «٥» قال: أوّل من جمع القرآن أبو بكر، وكتبه زيد، وكان الناس يأتون زيد بن ثابت، فكان لا يكتب آية إلا بشاهدي عدل.
ويتلخّص لدينا أن الطريقة التي اتّبعت في الجمع كانت تقوم على أمرين:
الأمر الأول: معتمده فيما يجمع من آيات، فقد اعتمد رضي الله عنه على

(١) الإتقان في علوم القرآن؛ للسيوطي (١/ ١٨٤).
(٢) المصدر السابق (١/ ١٨٤) والعسب: جمع عسيب، وهو جريد النخل العريض.
(٣) الإتقان (١/ ١٨٤).
(٤) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن أشتة، نحوي محقق ثقة، اشتغل كثيرا بعلوم القرآن.
(٥) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي بالولاء، إمام أهل مصر في عصره، حديثا وفقها، أصله من خراسان ووفاته في القاهرة سنة (١٧٥ هـ). قال الإمام الشافعي: الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به.


الصفحة التالية
Icon