٦ - قيمة عمل عثمان رضي الله عنه:
لقد كان عمل عثمان رضي الله عنه عملا جليلا، ذا قيمة علمية رفيعة، ومكانة دينية سامية، وحقيقة تاريخية لا تقبل الريب، وقد وقع من قلوب الناس موقع القبول والاستحسان، لأنه لم يكن عملا فرديا أو تصرّفا شخصيا، بل كان عملا جماعيا بمشورة كبار الصحابة وموافقتهم، بل بمعاونتهم وتأييدهم وشكرهم، وعلى ملأ من الناس ومشاهدتهم وإقرارهم.
أخرج ابن أبي داود بسند صحيح، عن سويد بن غفلة قال: قال عليّ: لا تقولوا في عثمان إلا خيرا، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا على ملأ منا، قال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا. قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن يجمع النّاس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت «١».
وفي رواية عن سويد قال: سمعت عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه يقول: يا معشر الناس اتقوا الله وإياكم والغلو في عثمان، وقولكم حرّاق مصاحف، فو الله ما حرّقها إلا على ملأ منا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «٢».
وعنه رضي الله عنه قال: لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان. فرضي الله عنهم وأرضاهم «٣».
٧ - كتابة وحفظ:
لقد علمنا في كل ما سبق أن الأمة الإسلامية اعتمدت في تناقل كتاب الله تعالى وقراءته أمرين اثنين: الحفظ والكتابة، يسيران جنبا إلى جنب. فيتلقونه رسما من
(٢) كتاب المصاحف؛ لابن أبي داود (ص ١٩).
(٣) كتاب المصاحف؛ لابن أبي داود (ص ٣٠).