مسعود في المعوّذتين.
فحاصل هذا أنّ ابن مسعود لم يعلم، وغيره قد علم، ومن علم حجّة على من لم يعلم، وممّا يبطل مذهب ابن مسعود في المعوّذتين إضافة إلى مخالفته إجماع عامّة الصّحابة، أدلّة أخرى، منها:
ما ثبت عن النّبيّ ﷺ في الحديث صراحة أنّهما قرآن، وأنّه كان يقرأ بهما في الصّلاة، كما جاء عن عقبة بن عامر الجهنيّ، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أنزل عليّ آيات لم ير مثلهنّ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ١ إلى آخر السّورة، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ١ إلى آخر السّورة» (١).
وعنه، قال: اتّبعت رسول الله ﷺ وهو راكب، فوضعت يدي على قدمه، فقلت: أقرئني يا رسول الله سورة هود وسورة يوسف، فقال: «لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ١ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ١» (٢).
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ١٤٤، ١٥٠، ١٥١، ١٥٢) ومسلم (رقم: ٨١٤) والتّرمذيّ (رقم: ٢٩٠٤، ٣٣٦٤) والنّسائيّ (رقم: ٩٥٤، ٥٤٤٠) والدّارميّ (رقم: ٣٣١٦) من طريق قيس بن أبي حازم، عن عقبة به. وقال التّرمذيّ: «حديث حسن صحيح».
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ١٤٩، ١٥٩) والنّسائيّ (رقم: ٩٥٣، ٥٤٣٩) من طرق عن اللّيث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عمران أسلم، عن عقبة بن عامر.
وأخرجه أحمد (٤/ ١٥٥) والدّارميّ (رقم: ٣٣١٤) كلاهما عن أبي عبد الرّحمن عبد الله بن يزيد المقري، حدّثنا حيوة، وابن لهيعة، قالا: سمعنا يزيد بن أبي حبيب، يقول: حدّثني أبو عمران، أنّه سمع عقبة بن عامر.
قلت: وهذان إسنادان صحيحان، وابن لهيعة إذا روى عنه أبو عبد الرّحمن المقري فهو ثبت، كيف وقد تابعه حافظان من حفّاظ المصريّين؟


الصفحة التالية
Icon