كما أنّ المأثور أنّ المعوّذتين كانتا في مصحفه (١).
نعم؛ كان أبيّ ربّما قرأ ببعض المنسوخ من القرآن، وربّما كان ذلك في مصحفه (٢)، إلّا أنّ المعوّذتين لم تكونا من المنسوخ، بدلالة
عدم ردّ ابن
_________
(١) أخرج أبو عبيد في «الفضائل» (ص: ٣١٨) عن محمّد بن سيرين، قال:
كتب أبيّ في مصحفه فاتحة الكتاب، والمعوّذتين، واللهمّ إنّا نستعينك، واللهمّ إيّاك نعبد، وتركهنّ ابن مسعود، وكتب عثمان منهنّ فاتحة الكتاب والمعوّذتين.
قلت: وإسناده صحيح إلى ابن سيرين، وكذلك أخرج نحوه ابن شبّة في «تاريخه» (٣/ ١٠٠٩ - ١٠١٠) بإسناد آخر صحيح عنه.
والسّورتان اللّتان كانتا في مصحف أبيّ وليستا في مصاحف المسلمين من المنسوخ تلاوة، فإنّهما لو كانتا ضمن المكتوب من الوحي لكتبهما زيد ومن كان معه، ولكانتا في جملة ما أقرأه أبيّ لمن حمل عنه القراءة ممّن ترجع إليهم روايات بعض السّبعة.
(٢) مثاله ما تقدّم في التّعليق الماضي.
ويدلّ عليه حديث عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، قال: عليّ أقضانا، وأبيّ أقرؤنا، وإنّا لندع كثيرا من لحن أبيّ، وأبيّ يقول: سمعت من رسول الله ﷺ فلا أدعه لشيء، والله تبارك وتعالى يقول: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها [البقرة: ١٠٦]، وفي رواية: وقد نزل بعد أبيّ كتاب.
أخرجه أحمد (٥/ ١١٣) والبخاريّ (رقم: ٤٢١١، ٤٧١٩) والنّسائيّ في «التّفسير» (رقم: ١٥) وابن أبي شيبة (رقم: ٣٠١٢٠) وابن سعد (٢/ ٣٣٩) وابن شبّة (٢/ ٧٠٦) ويعقوب بن سفيان (١/ ٤٨١) وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (٥/ ١١٣) والحاكم (رقم: ٥٣٢٨) وأبو نعيم في «المعرفة» (رقم: ٧٥٤) والبيهقيّ في «المدخل» (رقم: ٧٧) و «الدّلائل» (٧/ ١٥٥) وابن عساكر (٧/ ٣٢٥) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال عمر، به.
والرّواية الأخرى لابن أبي شيبة وابن سعد وعبد الله بن أحمد بسند صحيح.


الصفحة التالية
Icon