فهذا الحديث صريح في أنّ ترتيب الآيات في كلّ سورة كان بتوقيف من النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
٤ - مجيء النّاسخ قبل المنسوخ في السّورة الواحدة.
كما في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة: ٢٣٤]، وقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [البقرة: ٢٤٠]، فهذه منسوخة بالّتي قبلها على قول الأكثرين، وهي تالية لها في ترتيب الآي.
فلو كان التّرتيب اجتهاديّا من الصّحابة، لأخّروا النّاسخ وقدّموا المنسوخ، على القاعدة في هذه المسألة، فحيث وقعت هذه الصّورة كذلك فقد نفت جواز القياس في مثلها.
٥ - وقوع الإعجاز بترابط آي السّورة الواحدة، ولذا وقع التّحدّي
بالإتيان بسورة مثله، كما قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة: ٢٣].
وسمّيت السّورة (سورة) تشبيها لها بالسّور، لكونها تحيط بالآيات إحاطة السّور بالمدينة (١).
وممّا يدلّ على أنّ الوحي كان ينزل بالسّور مؤلّفة من عند الله، آيات في
_________
(١) بصائر ذوي التّمييز (٣/ ٢٧٤).


الصفحة التالية
Icon