فأمّا الرّواية؛ فهذا بلاغ مرسل، الزّهريّ لم يشهد زمان اليمامة،
بل لم يكن ولد يومئذ، فحرب المرتدّين كانت سنة (١٢) للهجرة، والزّهريّ ولد سنة (٥٠) أو بعدها، فبينه وبين الحدث نحو أربعين عاما أو أكثر، ولم يذكر هذا الخبر عن أحد.
ولا يثبت أهل الإنصاف شيئا بمثل هذا النّمط من الأسانيد.
كان الإمام يحيى بن سعيد القطّان لا يرى إرسال الزّهريّ وقتادة شيئا، ويقول: «هو بمنزلة الرّيح» ويقول: «هؤلاء قوم حفّاظ؛ كانوا إذا سمعوا الشّيء علقوه» (١).
يعني بذلك أنّ أحدهم ربّما سمع الإشاعة فثبتت في قلبه، فحدّث بها، فلا يدرى كيف جاءت، ولا من أين مخرجها، وهذا هو الّذي أسقط الاعتبار بمراسيله، وإنّما يقبل من الزّهريّ من الأخبار ما ذكر إسناده به وسلم ذلك الإسناد من الخلل.
فإذا كان لا يقبل منه المرسل في الأمر السّالم من المعارض، فأولى أن لا يقبل منه خبر كهذا يشكّك في ضياع بعض القرآن الّذي تعهّد ربّ العالمين بحفظه.
ثمّ إنّ هذا المرسل جاء على خلاف الموصول المحفوظ عن الزّهريّ، وذلك أنّه قال:
_________
(١) تقدمة الجرح والتّعديل، لابن أبي حاتم الرّازيّ (ص: ٢٤٦).