فهذا أصل رواية الزّهريّ لهذه القصّة، ليس فيها ما تضمّنه ذلك البلاغ المبتور من التّشكيك.
وأمّا الدّراية؛ فمن وجوه، أهمّها:
أوّلا: في الرّواية الصّحيحة لجمع القرآن على عهد أبي بكر أنّه أمر زيد بن ثابت بذلك، وجرى بينهما مراجعات حتّى اقتنع زيد، فلو كان شيء من القرآن ذهب حقيقة، لكان ذكر ذلك أقوى في حجّة أبي بكر لإقناع زيد، وإنّما دفع أبا بكر لذلك الخوف على مستقبل القرآن من عوارض الزّمن كما يستفاد بوضوح من الرّواية.
ثانيا: أكثر الصّحابة الّذين أمر النّبيّ ﷺ بأخذ القرآن عنهم أو عرفوا بحفظه في عهده، كأبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وأبي الدّرداء وعبد الله بن عمرو بن العاص؛ كانوا أحياء عند الجمع الأوّل للقرآن، بل أكثرهم بقي إلى زمان الجمع الثّاني في عهد عثمان.
فقد كان جميع القرآن عند هؤلاء، فلم يكن لمقتل من قتل في حرب الرّدّة من أثر على شيء من القرآن.