..............................
_________
= فهذا أصل رضاع الكبير من حديث عائشة.
فكأنّ ابن إسحاق دخل عليه حديث في حديث، وحمل شيئا على شيء، فهو بلغه رواية عبد الله بن أبي بكر لقصّة نزول عشر رضعات، وبلغه رواية عبد الرّحمن بن القاسم لرضاع الكبير، كما بلغه قصّة الرّجم أنّها ممّا كان أنزل من القرآن، فدخل عليه بعض ذلك في بعض، وأخاف أن تكون قصّة الدّاجن كذلك ممّا علق في ذهنه من ذكرها في قصّة الإفك عن عائشة وما لها بهذا الموضع من صلة.
ويزيد في تأكيد غلطه وتخليطه في الرّواية المذكورة ما أخرجه مسلم (٢/ ١٠٧٧) وغيره من طريق زينب بنت أبي سلمة، قالت:
سمعت أمّ سلمة زوج النّبيّ ﷺ تقول لعائشة: والله، ما تطيب نفسي أن يراني الغلام قد استغنى عن الرّضاعة، فقالت: لم؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، والله إنّي لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرضعيه» فقالت: إنّه ذو لحية، فقال: «أرضعيه؛ يذهب ما في وجه أبي حذيفة» فقالت: والله، ما عرفته في وجه أبي حذيفة.
قلت: فهذه عائشة تحتجّ على أمّ سلمة بقصّة رخصة النّبيّ ﷺ في حقّ سالم، فلو كان عندها في ذلك قرآن؛ أتراها تعدل عنه للاستدلال لمذهبها بمجرّد هذه القصّة؟ ثمّ لو كان لديها فيه قرآن فكيف صحّ أن يخالفها في حكمه سائر نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم، جميعهنّ يطبقن على ذلك؟ فهذه أمّ سلمة رضي الله عنها كانت تقول:
أبى سائر أزواج النّبيّ ﷺ أن يدخلن عليهنّ أحدا بتلك الرّضاعة، وقلن لعائشة:
والله ما نرى هذا إلّا رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصّة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرّضاعة ولا رائينا. (أخرجه مسلم، رقم: ١٤٥٤).
وببعض ما ذكرت تبطل رواية ابن إسحاق، وإذا كان جماعة من العلماء الكبار كأحمد بن حنبل والنّسائيّ نصّوا على أنّ ابن إسحاق ليس بحجّة في الأحكام، فهو أحرى أن لا يكون حجّة تستعمل للتّشكيك في نقل القرآن. =


الصفحة التالية
Icon