وأمّا قضيّة الرّجم؛ فقد كان شأنها معلوما عند أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أنّها كانت قرآنا أنزل، فنسخه الله من القرآن وأحكمت السّنّة حكمه، فذهبت التّلاوة، وبقي الحكم، وعليه أدلّة عديدة، منها:
١ - عن عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، قال:
إنّ الله بعث محمّدا ﷺ بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل الله آية الرّجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها (وفي رواية: وقد قرأتها: الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة)، رجم رسول الله ﷺ ورجمنا بعده، (وفي رواية: ولولا أن يقولوا: أثبت في كتاب الله ما ليس فيه لأثبتّها كما أنزلت)، فأخشى إن طال بالنّاس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرّجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله، والرّجم في كتاب الله حقّ على من زنى إذا أحصن من الرّجال والنّساء؛ إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل، أو
_________
= المهديّون، ولأنّه لو كان ذلك كذلك؛ جاز أن يكون ما كتبوه منسوخا، وما قصّروا عنه ناسخا، فيرتفع فرض العمل،
- ونعوذ بالله من هذا القول ومن قائليه» (شرح المشكل: ١١/ ٤٩١ ونحوه في ٥/ ٣١٢ - ٣١٣).
وقال: «وممّا يدلّ على فساد ما قد زاده عبد الله بن أبي بكر على القاسم بن محمّد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث: أنّا لا نعلم أحدا من أئمّة العلم روى هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر غير مالك بن أنس، ثمّ تركه مالك فلم يقل به وقال بضدّه، وذهب إلى أنّ قليل الرّضاع وكثيره يحرّم، ولو كان ما في هذا الحديث صحيحا أنّ ذلك من كتاب الله عزّ وجلّ لكان ممّا لا يخالفه ولا يقول بغيره» (المشكل: ٥/ ٣١٥).
وكان مالك قال بعد رواية الحديث في «الموطّأ»: «ليس على هذا العمل».