وحديث أبيّ بن كعب قبله أنّ آية الرّجم حقّ، أنزلها الله تعالى وحفظها الصّحابة، والمذكورون هاهنا هم الّذين تولّوا شأن المصاحف، وإنّما لم يكتبوها في المصحف لأنّ
النّبيّ ﷺ لم يأمرهم بكتابتها أصلا، كما يدلّ عليه حديث كثير، وكأنّهم حيث لم يؤمروا بكتابتها علموا أنّها ليست من المصحف، وهذا يؤيّد ما ذكرناه قبل من أنّ مستند الصّحابة في كتابة المصحف هو نفس المكتوب الّذي كتبوه على عهد رسول الله ﷺ بأمره، وحفظ الصّدور إنّما كان شاهدا ومصدّقا.
٤ - عن إسماعيل بن أبي خالد، قال:
سمعت الشّعبيّ وسئل: هل رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي
طالب، رضي الله عنه؟ قال: رأيته أبيض الرّأس واللّحية، قيل: فهل تذكر عنه شيئا؟ قال: نعم، أذكر أنّه جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، فقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنّة رسول الله ﷺ (١).
فهذا إثبات لكون الرّجم ثبت حكمه بالسّنّة، وهذا مصدّق لما تقدّم من الأخبار أنّ الرّجم نسخت تلاوته وبقي حكمه، ولو مات النّبيّ ﷺ وهو
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (رقم: ٨٠٨٧) من طريق أحمد بن يونس الضّبّيّ، حدّثنا جعفر بن عون، حدّثنا إسماعيل، به. قال الحاكم: «هذا إسناد صحيح»، قلت: وهو كما قال. وأصله عند البخاريّ (رقم: ٦٤٢٧) من طريق ثانية عن الشّعبيّ.
وله طرق عن أمير المؤمنين عليّ، اخترت الّتي عند الحاكم لبيان الشّعبيّ أنّه شهد ذلك، وفيه ردّ على من زعم أنّ الشّعبيّ لم يسمع من عليّ شيئا.