وكقوله: وَلا يَخافُ عُقْباها ١٥ [الشّمس: ١٥] وفلا يخاف عقباها.
قال الإمام أبو عبيد: «هذه الحروف الّتي اختلفت في مصاحف الأمصار كلّها منسوخة من الإمام الّذي كتبه عثمان، رضي الله عنه، ثمّ بعث إلى كلّ أفق ممّا نسخ بمصحف، ومع هذا؛ إنّها لم تختلف في
كلمة تامّة ولا في شطرها، إنّما كان اختلافها في الحرف الواحد من حروف المعجم، كالواو والفاء والألف وما أشبه ذلك، إلّا الحرف الّذي في الحديد وحده، قوله: فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ، فإنّ أهل العراق زادوا على ذينك المصرين (يعني المدينة والشّام): هو، وأمّا سائرها... فليس لأحد إنكار شيء منها ولا جحده، وهي كلّها عندنا كلام الله»
(١).
وجائز أن يكون الوجه في اختلاف الرّسم لهذه الحروف هو:
أنّه حين كتبت أصولها جميعا بإشراف أمير المؤمنين عثمان، من قبل أمناء الوحي زيد بن ثابت وإخوانه، رأوا إمكان تضمين تلك المصاحف بعض الحروف المسموعة من رسول الله ﷺ ممّا تعذّر عليهم رسمه جميعا في مصحف واحد، ففرّقت فيها لتبقى محفوظة على الأمّة، كبعض صور اختلاف الأحرف السّبعة الّتي نزل عليها القرآن.
والمقصود هنا: أنّ من شرط صحّة القراءة أن تكون موافقة لرسم واحد من هذه المصاحف الّتي عليها قراءات الأئمّة المعتمدين.
_________
(١) فضائل القرآن (ص: ٣٣٣).


الصفحة التالية
Icon