ولا يخلق على كثرة الرّدّ (١)، ولا
تنقضي عجائبه، هو الّذي لم تنته الجنّ إذ سمعته حتّى قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ [الجنّ: ١ - ٢]، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» (٢).
والتّنبيه هاهنا على أربعة أنواع للإعجاز القرآني:
النّوع الأوّل: الإعجاز اللّغويّ:
هذا النّوع هو أبرز ما تحدّى به القرآن العرب في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو التّحدّي في أبرز خصائصهم، فمع أنّه بلسانهم، وأتى بما لا يخرج عن وجوه فصاحتهم وأساليب بيانهم، وهم يومئذ في الذّروة في ذلك نثرا ونظما،
_________
(١) أي لا يأتي عليه التكرار بذهاب لذّته، بل هو في كل مرّة جديد، مهما تكرّرت تلاوته، وليس كذلك سائر الكلام.
(٢) روي هذا حديثا مرفوعا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يصحّ.
فأخرجه ابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٢) وأحمد (رقم: ٧٠٤) والدّارمي (رقم: ٣٢١١) والتّرمذيّ (رقم: ٢٩٠٦) والنّسائيّ في «مسند عليّ» - كما في «تهذيب الكمال» (٣٤/ ٢٦٧) - وغيرهم، من طريق الحارث بن عبد الله الأعور، عن عليّ بن أبي طالب، به.
قال التّرمذيّ: «إسناده مجهول، وفي الحارث مقال».
قلت: التّحقيق أنّ علّته ضعف الحارث، وما أشار إليه التّرمذيّ من الجهالة زائل أثرها بالمتابعة، والأشبه أن يكون هذا من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، أخطأ الحارث في رفعه.


الصفحة التالية
Icon