الفصل الثالث: أئمة القراءة
المبحث الأول: القراءة سنة متبعة
كان جماعة من أئمّة السّلف يقولون: «القراءة سنّة متّبعة»، أي:
يأخذها اللّاحق عن السّابق، ويقف الإنسان فيها عند المسموع، لا يقرأ كما يشاء.
قال أبو عبيد: «وإنّما نرى القرّاء عرضوا القراءة على أهل المعرفة بها ثمّ تمسّكوا بما علموا منها؛ مخافة أن يزيغوا عمّا بين اللّوحين بزيادة أو نقصان، ولذا تركوا سائر القراءات الّتي تخالف الكتاب، ولم يلتفتوا إلى مذاهب العربيّة فيها إذا خالف ذلك خطّ المصحف، وإن كانت العربيّة فيه أظهر بيانا من الخطّ، ورأوا تتبّع حروف المصاحف وحفظها كالسّنن القائمة الّتي لا يجوز لأحد أن يتعدّاها» (١).
ومن الحجّة على ذلك حديث أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: إنّ رسول الله ﷺ يأمركم أن تقرءوا كما علّمتم (٢).
_________
(١) فضائل القرآن (ص: ٣٦١).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو عبيد (ص: ٣٦١) والبزّار (رقم: ٤٤٩) وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (رقم: ٨٣٢) وابن جرير (١/ ١٢) والحاكم (رقم:
٢٨٨٥، ٢٨٨٦) من طرق عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن عليّ. قلت: وإسناده جيّد، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».