للسّعة في الإطلاق لا إلغاء معناه، فأنت ترى أنّ الأمر بالتّقوى حاصل بالآيتين، لكن أزيح عن الآية الأولى ما قد يفهم من لفظها الواسع، فيقع للنّاس من الحرج ما لا طاقة لهم به، ففسّرت الآية الثّانية المراد وحدّدته.
فسمّوا تقييد المطلق نسخا مع أنّ العمل بالآية الأولى محكم لم يترك، إنّما بيّن وجهه بالآية الثّانية.
٣ - تبيين المجمل وتفسيره:
كما وقع عند نزول قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة: ٢٨٤].
فعن أبي هريرة، قال:
لمّا نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قال: فاشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ بركوا على الرّكب فقالوا: أي رسول الله، كلّفنا من الأعمال ما نطيق: الصّلاة والصّيام والجهاد والصّدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم:
سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربّنا وإليك المصير»، قالوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربّنا وإليك المصير، فلمّا
اقترأها القوم ذلّت بها ألسنتهم، فأنزل الله