النّوع الثّاني: الإعجاز الإخباريّ:
وهذا هو الإعجاز فيما تضمّنه القرآن من الأنباء، وهو أربعة أشياء:
أوّلها: الإخبار عن الغيب المطلق، كالخبر عن الله عزّ وجلّ وأسمائه وصفاته، والملائكة، وصفة الجنّة وصفة النّار.
وقد أتى القرآن في هذا الأمر بما لا يدركه بشر من تلقاء نفسه، إذ طريقه لا يكون من جهة العقول، إنّما طريقه السّمع الّذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصّلت: ٤٢].
وثانيها: الإخبار عن الأمور السّابقة، كالخبر عن بدء الخلق، وعن الأمم السّالفة.
وقد قصّ علينا القرآن من ذلك عجبا، وأتى من الأنباء بما لم يملك المنصفون من أهل الكتاب والعلم إلّا تصديقه، كما قال الله عز وجلّ: وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [الأنعام: ١١٤]، وقال تعالى:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ [الأحقاف: ١٠]، وقال سبحانه: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ ١٩٧ [الشّعراء: ١٩٢ - ١٩٧].
فجاء ما آتاه الله من ذلك تصديقا لما بين يديه، وما تعلّم من أحد من


الصفحة التالية
Icon