الفصل الرابع: مسائل في النسخ
والمقصود بهذا الفصل ذكر قضايا متمّمة لهذه المقدّمة، غير ما تقدّم:
المسألة الأولى: لا مانع من وقوع نسخ الحكم مرّتين، وذلك بنفس الدّليل الّذي صحّ لنا به وقوع النّسخ مرّة، ولنفس المقاصد والحكم الّتي نبّهنا عليها.
ومثاله ما تقدّم ذكره في شأن الصّوم، حيث فرض أوّلا صوم يوم عاشوراء، ثمّ نسخ بفرض صوم رمضان أو الفدية، ثمّ نسخ خيار الفدية، فهذه ثلاث شرائع توالت على هذه الفريضة (١).
المسألة الثّانية: ما يأتي من شرائع الله تعالى مذكورا في كتابه أو سنّة رسوله ﷺ عمّن قبلنا من الأمم، فهو شرع لنا غير منسوخ، إنّما المنسوخ منه ما قام في شرعنا دليل على خلافه.
على هذا قول كثير من الفقهاء، كالإمام مالك وجمهور أصحابه،
وبعض الحنفيّة والشّافعيّة، وهو الأصحّ عن الإمام أحمد بن حنبل (٢).
والدّليل عليه قوله تعالى لنبيّه ﷺ بعد ذكر الأنبياء قبله: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: ٩٠].
_________
(١) انظر ما تقدّم (ص: ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٢) الإحكام، للباجي (ص: ٣٢٧ - ٣٢٨)، المسوّدة، لآل تيميّة (ص: ١٧٤).


الصفحة التالية
Icon