بينما رجل يحدّث في كندة (١)، فقال: يجيء دخان يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم كهيئة الزّكام، ففزعنا، فأتيت ابن مسعود، وكان متّكئا (٢)، فغضب فجلس، فقال: «من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم، فإنّ الله قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص: ٨٦]» (٣).
٣ - وعن عبد الله بن أبي مليكة، قال:
سأل رجل ابن عبّاس عن يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ [السّجدة: ٥]؟
فقال ابن عبّاس: فما يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج: ٤]؟
قال الرّجل: إنّما سألتك لتحدّثني، فقال ابن عبّاس: هما يومان
ذكرهما الله في كتابه، الله أعلم بهما، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم (٤).
_________
(١) كندة: قبيلة من أهل اليمن، تفرّقوا في البلاد، والمراد هنا: منازلهم بالكوفة.
(٢) قال مسروق في رواية صحيحة الإسناد: إنّي تركت في المسجد رجلا يفسّر القرآن برأيه. أخرجها أحمد (رقم: ٣٦١٣).
(٣) حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: ٤٤٩٦، ٤٥٣١، ٤٥٤٥) ومسلم (رقم: ٢٧٩٨).
(٤) أثر صحيح. أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص: ٣٧٦) وابن جرير في «تفسيره» (٢٩/ ٧٢) والحاكم (رقم: ٨٨٠٣ وهو آخر حديث في: المستدرك) من طرق عن أيّوب السّختيانيّ، عن ابن أبي مليكة، به.
قلت: وإسناده صحيح. وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط البخاريّ».