الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النّحل: ٤٤]، وبيانه ﷺ وحي معصوم لا يساويه بيان غيره من البشر مهما بلغ علمه، كما قال تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ٤ [النّجم: ٢ - ٤].
فالسّنّة تفسّر مجمل القرآن، وتخصّص عامّه، وتقيّد مطلقه، وتبيّن ناسخه ومنسوخه.
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: «فإن قال قائل: فما أحسن طرق التّفسير؟ فالجواب: إنّ أصحّ الطّرق في ذلك أن يفسّر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنّه قد فسّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسّنّة، فإنّها شارحة للقرآن وموضّحة له» (١).
واعلم أنّ تفسير السّنّة يستفاد من وجوه، أهمّها:
١ - بيانها لمعاني المفردات.
مثل تفسير قوله تعالى: إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ١٢ [الشّمس: ١٢]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه، مثل أبي زمعة» (٢).
_________
(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ١٩٥)، وانظر: البرهان، للزّركشيّ (٢/ ١٧٥ - ١٧٦).
(٢) حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: ٤٦٥٨ ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: ٢٨٥٥) من حديث عبد الله بن زمعة.
وعارم: أي شرس شرّير. والمعنى أنّه كان رجلا له منعة في قومه مع شرّ وسوء خلق، شبيها بما كان لأبي زمعة، وهو الأسود بن المطّلب من عمومة الزّبير بن العوّام، كان في الجاهليّة. (وانظر: الفتح ٨/ ٧٠٥ - ٧٠٦).