وجائز أن يكون مورد الحرج عليهم، ممّا فهموه من قوله تعالى:
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٥١ [العنكبوت: ٥١]، كما استدلّت عائشة رضي الله عنها بهذه الآية حين أهدي لها شيء من كتب أهل الكتاب (١).
وكان عبد الله بن عبّاس يقول: يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الّذي أنزل الله على نبيّكم ﷺ أحدث الأخبار بالله، محضا لم يشب (٢)، وقد حدّثكم الله أنّ أهل الكتاب بدّلوا من كتب الله وغيّروا، فكتبوا بأيديهم، قالوا: هو من عند الله؛ ليشتروا بذلك ثمنا قليلا؟ أولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟
فلا والله، ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الّذي أنزل إليكم (٣).
وعن مرّة الهمدانيّ، قال: جاء أبو قرّة الكنديّ بكتاب من الشّام، فحمله فدفعه إلى عبد الله بن مسعود، فنظر فيه، فدعا بطست، ثمّ دعا بماء فمرسه فيه، وقال: إنّما هلك من كان قبلكم باتّباعهم الكتب وتركهم كتابهم (٤).
_________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (رقم: ١٧٣٨١) بإسناد حسن.
(٢) أي: لم يخلط بغيره.
(٣) أثر صحيح. أخرجه الشّافعيّ في «الأم» (١٢/ ٥٣٨) والبخاريّ (رقم: ٢٥٣٩، ٦٩٢٩، ٧٠٨٥) والبيهقيّ في «الكبرى» (١٠/ ١٦٢ - ١٦٣) وغيرهم من طرق عن الزّهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عبّاس، به.
(٤) أثر صحيح. أخرجه الدّارميّ (رقم: ٤٨٣) والهرويّ في «ذمّ الكلام» (ص: ١٤٧) وإسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon