والسّنّة تصديق أو تكذيب، فهذا وجدنا الصّحابة تسهّلوا فيه لمعنى صحيح اشتمل عليه، وإن كان لا يمكن القطع بصحّته أو كذبه من كلّ وجه.
مثاله: ما حدّث به عبد الرّحمن بن حاطب، قال:
جلسنا إلى كعب الأحبار في المسجد وهو يحدّث، فجاء عمر فجلس في ناحية القوم، فناداه، فقال: ويحك يا كعب، خوّفنا، فقال:
والّذي نفسي بيده، إنّ النّار لتقرب يوم القيامة، لها زفير وشهيق، حتّى إذا أدنيت وقرّبت زفرت زفرة، ما خلق الله من نبيّ ولا صدّيق ولا شهيد إلّا وجثا لركبتيه ساقطا، حتّى يقول كلّ نبيّ وكلّ صدّيق وكلّ شهيد: اللهمّ لا أكلفك (١) اليوم إلّا نفسي، ولو كان لك يا ابن
الخطّاب عمل سبعين نبيّا لظننت أن لا تنجو، قال عمر: إنّ الأمر لشديد (٢).
فهذا يدلّ على معنى صحيح من حيث الجملة، وإن كان الإيمان بما فيه من التّفصيل يتوقّف على تصديق القرآن أو السّنّة له، فمثل هذا لا يصدّق ولا يكذّب، إذ ربّما كذّب وهو حقّ، أو صدّق وهو باطل.
والتّوجيه النّبويّ في هذا النّوع كان معلوما للصّحابة، فقد ثبت فيه غير ما حديث، منها: حديث أبي هريرة، قال:
كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة بالعبرانيّة، ويفسّرونها بالعربيّة لأهل
_________
(١) أي: لا أتحمّل عندك.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٣/ ١٥٤ - ١٥٥) وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (رقم:
٧٥٣٩) بإسناد حسن.


الصفحة التالية
Icon