التّثبيت في مواجهة الكفّار واحتمال أذاهم، فجاءت
بالتّذكير بالثّواب، والصّبر والاحتساب، وسرد قصص الأنبياء والسّابقين، كما قال تعالى: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ [هود: ١٢٠].
٢ - إبطال اعتراضات الكفّار.
وبيانه: أنّ الكفّار كانوا يجتهدون في الطّعن على القرآن ورسول الله ﷺ ويضربون لذلك الأمثال، يقع ذلك منهم على صفة الاستمرار، فكان جبريل عليه السّلام ينزل بالقرآن ليحقّ الحقّ ويبطل الباطل ويردّ الاعتراض ويدحض الشّبه بأحسن البراهين، كما قال تعالى:
وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ٣٣ [الفرقان: ٣٣].
٣ - التدرّج في التّشريع مراعاة للمكلّفين.
فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: إنّما نزل أوّل ما نزل منه سورة من المفصّل فيها ذكر الجنّة والنّار، حتّى إذا ثاب النّاس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أوّل شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزّنا أبدا، لقد نزل بمكّة على محمّد ﷺ وإنّي لجارية ألعب: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ ٤٦ [القمر: ٤٦]، وما نزلت سورة البقرة والنّساء إلّا وأنا عنده (١).
ولا يخفى ما للتّدرّج من الأثر في التّربية وبناء الشّخصيّة، وترى كم كان
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاريّ (رقم: ٤٧٠٧).


الصفحة التالية
Icon