فيفصم عنّي (١) وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول» (٢).
ولم ير النّبيّ ﷺ جبريل على صورته الملكيّة إلّا مرّتين، كما ثبت به الخبر من حديث عائشة رضي الله عنها وقد سألها مسروق بن الأجدع عن قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ٢٣ وقوله: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ١٣؟ فقالت: أنا أوّل هذه الأمّة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «إنّما هو جبريل، لم أره على صورته الّتي خلق عليها غير هاتين المرّتين، رأيته منهبطا من السّماء، سادّا عظم خلقه ما بين السّماء إلى الأرض» (٣).
...
_________
(١) يفصم عنّي: يقلع عنّي وينجلي ما يتغشّاني منه، قاله الخطّابيّ، وقال: «والمعنى أنّ الوحي كان إذا ورد عليه تصعّده له مشقّة ويغشاه كرب، وذلك لثقل ما يلقى عليه من القول، وشدّة ما يأخذ به نفسه من جمعه في قلبه وحسن وعيه وحفظه، فيعتريه لذلك حال كحال المحموم» (شرح البخاري للخطّابي ١/ ١٢٠).
(٢) حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: ٢، ٣٠٤٣) ومسلم (رقم:
٢٣٣٣) من حديث عائشة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٢٣٦، ٢٤١) ومسلم (رقم: ١٧٧) والتّرمذيّ (رقم: ٣٠٧٠) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشّعبيّ، عن مسروق، به.
قال التّرمذيّ: «حديث حسن صحيح».


الصفحة التالية
Icon