وما كان للقرآن وغيره من الكلام فمرجعه إلى المسموع من لسان العرب، والّذي عليه بني (علم التّجويد، والصّرف، والنّحو).
وهذا يبيّن أنّ (علم التّجويد) من علوم لغة العرب، ومراعاته تحقيق اللّفظ العربيّ على وجهه.
وقد رأينا الأقدمين ممّن وضعوا علوم العربيّة قد ضمّنوا كتبهم موضوعات هذا العلم، فذكروا الكلام في مخارج الحروف، وصفاتها كالجهر والهمس والشّدّة واللّين،
وأحكامها كالإظهار والإخفاء والإدغام، كما ترى ذلك في كتاب سيبويه وغيره.
على أنّه قد انضاف إلى كون (تجويد الحروف) من لسان العرب:
أنّ نقلة القراءة أدّوا القرآن مجوّدا بهذه الأحكام، فدلّ على أنّها كانت صفة القراءة النّبويّة.
فهذان طريقان عرفنا بهما صفة تجويد القرآن:
الأوّل: كون (أحكام التّجويد) من صميم لغة العرب، وقد قال الله تعالى في القرآن: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥ [الشّعراء: ١٩٥]، وقال:
لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [النّحل: ١٠٣].
والثّاني: نقل أئمّة القراءة الثّقات الّذين وضعت تلك الأحكام على وفق المسموع منهم، وضبطت مصاحف المسلمين على صفة قراءتهم.


الصفحة التالية
Icon