الفصيحة، الّتي لم يدخلها تصرّف النّاقل، بل تلقّاها الأمين جبريل، وعنه الأمين محمّد صلى الله عليه وسلم،
وعنه الأمناء من أصحابه، وهكذا من بعدهم، يتبع اللّاحق منهم السّابق، على الصّفة الّتي أنزله الله عليها، قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ٩ [الحجر: ٩]، فهو محفوظ في نفسه من أن يبدّل منه شيء حتّى في النّطق بحرف منه.
فكيف إذا انضمّ إلى ذلك أنّ القراءة على تلك الصّفة لازمة بعربيّته؛ لكونه بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥؟
فقراءة القرآن بغير التّجويد أو بغير النّحو عدول به عن المسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخروج به عن عربيّته، وهذا لا يحلّ.
قال الإمام أبو محمّد البغويّ: «إنّ النّاس كما أنّهم متعبّدون باتّباع أحكام القرآن وحفظ حدوده، فهم متعبّدون بتلاوته وحفظ حروفه، على سنن خطّ المصحف الإمام الّذي اتّفقت عليه الصّحابة، وأن لا يجاوزوا فيما يوافق الخطّ عمّا قرأ به القرّاء المعروفون الّذين خلفوا الصّحابة والتّابعين واتّفقت الأمّة على اختيارهم» (١).
واستدلّ بعض أهل العلم لوجوب القراءة بالتّجويد، بقوله تعالى:
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزّمل: ٤].
قال أبو جعفر النّحّاس: «والقراءة بالتّرتيل والمكث واجبة بنصّ
_________
(١) تفسير البغويّ المسمّى ب «معالم التنزيل»
(١/ ٣٧).


الصفحة التالية
Icon