على إخراجها على وجوهها، إذ التّعتعة عسر في النّطق ومشقّة، فهذا مأجور من جهتين: على اجتهاده في طلب الصّواب، وعلى نفس تلاوته.
وصحّ عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال:
خرج علينا رسول الله ﷺ ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابيّ والأعجميّ، فقال: «اقرءوا، فكلّ حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح، يتعجّلونه ولا يتأجّلونه» (١).
فالأعجميّ ربّما لم تساعده لغته ولسانه على أن يعطي كلّ حرف حقّه ومستحقّه، ومع ذلك يثني النّبيّ ﷺ على جلوسه لقراءة القرآن، لا ينقص حسن عمله ذلك عن حسن عمل من كان معه من العرب
الفصحاء، ويحثّه النّبيّ ﷺ على التّلاوة وإن كانت عجمته لا تساعده على الإتقان، وإنّما ذلك لصحّة المقاصد من أولئك المجتمعين، ولذا ذمّ بمقابلهم القرّاء المتكلّفين لإقامة الألفاظ حتّى إنّ أحدهم ليحرص على الدّقّة في أدائه يقيم الحرف كإقامة السّهم من القوس، لكنّهم يبتغون به الدّنيا.
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه سعيد بن منصور في «فضائل القرآن» من «سننه» (رقم:
٣١) وأحمد (رقم: ١٥٢٧٣) وأبو داود (رقم: ٨٣٠) وجعفر الفريابيّ في «فضائل القرآن» (رقم: ١٧٤) والآجرّي في «آداب حملة القرآن» (ص: ١٥٦ - ١٥٧) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: ٢٦٤٢) من طريق حميد بن قيس الأعرج، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر، به.
قلت: وإسناده صحيح، ولم ينفرد به حميد، كما سأذكره (ص: ٤٨٧)، كذلك له شواهد تزيد في صحّته، ولا يضرّه إرسال من أرسله، كما بيّنته في موضع آخر.