في أداء الحروف والوقوف، ممّا تخرج به تلاوة القرآن عن شبه التّلاوة لسائر الكلام الّذي عهد بأن يسرد سردا: موصولا ببعضه، مكتفى بالنّطق بأدنى ما يكون من صفة الحرف، أو بما هو دون ذلك.
وأمّ المؤمنين أمّ سلمة رضي الله عنها كانت تصف قراءة النّبيّ ﷺ بأنّها كانت قراءة مفسّرة حرفا حرفا (١)، وأنس بن مالك يذكر أنّ النّبيّ ﷺ كان يمدّ بها صوته مدّا (٢)، ويفسّر أنس ذلك في رواية،
فيقول: كانت مدّا، ثمّ
_________
(١) وذلك في حديث يعلى بن مملك: أنّه سأل أمّ سلمة زوج النّبيّ ﷺ عن قراءة النّبيّ ﷺ وصلاته؟ فقالت: ما لكم وصلاته؟ كان يصلّي، ثمّ ينام قدر ما صلّى، ثمّ يصلّي قدر ما نام، ثمّ ينام قدر ما صلّى، حتّى يصبح، ثمّ نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة مفسّرة حرفا حرفا.
أخرجه أحمد (٦/ ٢٩٤، ٣٠٠) والبخاريّ في «خلق أفعال العباد» (رقم: ١٧١) وأبو داود (رقم: ١٤٦٦) والتّرمذيّ (رقم: ٢٩٢٣) والنّسائيّ (رقم: ١٠٢٢، ١٦٢٩) وابن خزيمة (رقم: ١١٥٨) والحاكم (رقم: ١١٦٥) والبيهقيّ (٣/ ١٣) من طريق اللّيث بن سعد، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، به.
قال التّرمذيّ: «حديث حسن صحيح»، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط مسلم». قلت: هو صحيح، وليس على شرط مسلم، فإنّه لم يخرّج ليعلى، وإنّما صحّحته تبعا للتّرمذيّ، فإنّه صحّحه مع حكمه بغرابته ممّا دلّ على ثقة يعلى عنده، ويعلى لم يجرح من أحد، ولم يرو منكرا.
(٢) وسياقه عن قتادة، قال: قلت لأنس: كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يمدّ صوته مدّا. أخرجه أحمد (رقم: ١٢١٩٨ ومواضع أخرى) والبخاريّ (رقم:
٤٧٥٨) وأبو داود (رقم: ١٤٦٥) والنّسائيّ (رقم: ١٠١٤) وابن ماجة (رقم:
١٣٥٣) من طريق جرير بن حازم، قال سمعت قتادة، به.