٢ - وعن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، قال: حدّثنا من كان يقرئنا من أصحاب النّبيّ ﷺ أنّهم «كانوا يقترءون من رسول الله ﷺ عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتّى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل» (١).
ففي هذا أنّ الحفظ عندهم كان مقترنا بالعلم بالمحفوظ، وامتثال ما فيه من الأمر والنّهي والاعتبار وغير ذلك، فكانوا لذلك يأخذونه عشر آيات عشر آيات ليكون أيسر عليهم.
فلم يكن همّهم كثرة الحفظ كما صار إليه حال من بعدهم، وإنّما علموا أنّ هذا القرآن إنّما أنزل للعمل، ولا عمل دون علم وفهم.
وكانوا لا يقدمون على أخذ القرآن حتّى تستعدّ له نفوسهم بالإيمان والتّصديق وتتهيّأ للامتثال، فنفعهم الله بذلك ورفع أقدارهم.
٣ - وعن جندب بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: «كنّا مع النّبيّ ﷺ ونحن فتيان حزاورة (٢)، فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلّم القرآن، ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا به إيمانا» (٣).
_________
(١) أثر صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (رقم: ٢٩٩٢٠) وأحمد (٥/ ٤١٠) عن محمّد بن فضيل، والفريابيّ في «فضائل القرآن» (رقم: ١٦٩) من طريق حمّاد بن زيد، كلاهما عن عطاء بن السّائب، عن أبي عبد الرّحمن، به. قلت: وإسناده صحيح.
(٢) حزاورة: جمع حزور وحزوّر، وهو الّذي قارب البلوغ (النّهاية: ١/ ٣٨٠).
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (رقم: ٦١) والطّبرانيّ في «الكبير» (رقم:
١٦٧٨) وابن منده في «الإيمان» (رقم: ٢٠٨) والبيهقيّ (٣/ ١٢٠) والمزّيّ في «تهذيب الكمال» (٧/ ٢٨٨) من طريق وكيع بن الجرّاح، قال: حدّثنا حمّاد بن نجيح، عن أبي عمران الجونيّ، عن جندب، به. وإسناده صحيح.