فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ
تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ ١٧٧ [الأعراف: ١٧٥ - ١٧٧].
أمّا حال المسلم، فإنّه قد يقع منه التّقصير بترك العمل ببعض الكتاب أو ترك التّلاوة والتّدبّر له، لكنّه لا يوصف معه بالهجر التّامّ للقرآن، إنّما يناله من ذلك الوصف بحسب ما وقع منه من التّقصير، كما وقعت الإشارة إليه في الكلام عن الإعراض عن القرآن، ففعل المعاصي وترك الواجبات من ترك العمل بالكتاب، ولصاحبه نصيب من الذّمّ بحسبه.
ومن هذا ما ورد من حديث سمرة بن جندب، رضي الله عنه، في رؤيا رآها النّبيّ ﷺ فقصّها عليهم، وفيها:
«رأيت اللّيلة رجلين أتياني فأخذا بيدي» فساق الحديث، وفيه:
«حتّى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر (١) أو صخرة، فيشدخ (٢) به رأسه، فإذا ضربه تدهده (٣) الحجر، فانطلق إليه ليأخذه، فلا يرجع إلى هذا حتّى يلتئم رأسه، وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه» ثمّ فسّرا ذلك له، فقالا: «والّذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علّمه
_________
(١) فهر: حجر.
(٢) يشدخ: يكسر.
(٣) تدهده: تدحرج.