قال خالد بن الوليد، رضي الله عنه: «لقد شغلني الجهاد في سبيل الله عن كثير من قراءة القرآن» (١).
وكذلك من حفظ شيئا منه، أو حفظه، فذهب عليه شيء من حفظه لانشغاله بالأولى، فلا حرج عليه، ولو وقع فوات بعض حفظه بتفريط منه، فهذا مكروه قبيح، عليه أن يجتهد في مجانبته؛ لما تقدّم بيانه من الحثّ النّبويّ على تعاهده ومراجعته، وإن كنّا لم نجد في النّصوص الثّابتة ما نؤثّمه به.
أمّا ما يروى من الوعيد في ذلك فلا يثبت منه شيء، وفيه حديثان:
الأوّل: «عرضت عليّ ذنوب أمّتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثمّ نسيها» (٢).
_________
(١) أثر صحيح. أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص: ١٨٩) قال: حدّثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال خالد، به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وابن أبي زائدة هو يحيى بن زكريّا.
(٢) حديث منكر. أخرجه أبو داود (رقم: ٤٦١) والتّرمذيّ (رقم: ٢٩١٦) وابن خزيمة (رقم: ١٢٩٧) والبيهقيّ في «شعب الإيمان» (رقم: ١٩٦٦) والخطيب في «أخلاق الرّاوي» (رقم: ٨٣) وابن عبد البرّ في «التّمهيد» (١٤/ ١٣٥ - ١٣٦) من طريق عبد الوهّاب بن الحكم الورّاق، قال: حدّثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن ابن جريج، عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عرضت عليّ أجور أمّتي حتّى القذاة يخرجها الرّجل من المسجد، وعرضت عليّ ذنوب أمّتي... » وذكر باقي الحديث.
قال التّرمذيّ: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه، وذاكرت به محمّد =


الصفحة التالية
Icon