وهذا يقتضي أن تكون قراءته بتأنّ وترسّل، وهو التّرتيل، على المعنى الّذي بيّنته في الفصل الأوّل من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما يقتضي أن لا يكون همّه آخر السّورة، أو أن يكثر من الختمات، فهذا خلاف هدي السّلف من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، فقال: إنّي لأقرأ المفصّل في ركعة، فقال عبد الله: «هذّا كهذّ الشّعر؟ إنّ أقواما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع» (١).
وعن أبي جمرة (نصر بن عمران) الضّبعيّ قال: قلت لابن عبّاس: إنّي سريع القراءة، وإنّي أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: «لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبّرها وأرتّلها أحبّ إليّ من أن أقرأ كما تقول».
وفي لفظ: «أحبّ إليّ من أن أقرأ القرآن أجمع هذرمة» (٢).
وفي سياق آخر، قال أبو جمرة: قلت لابن عبّاس: إنّي رجل سريع القراءة، فربّما قرأت القرآن في ليلة مرّة أو مرّتين، فقال ابن عبّاس: «لأن
_________
(١) أثر صحيح. متّفق عليه، واللّفظ لمسلم، سبق تخريجه (ص: ١٣٣ - ١٣٤).
(٢) أثر صحيح. أخرجه أبو عبيد في «الفضائل» (ص: ١٥٧، ١٥٨) و «غريب الحديث» (٤/ ٢٢٠) وابن الضّريس في «الفضائل» (رقم: ٣٢) والآجرّيّ في «أخلاق حملة القرآن» (ص: ٢٢٢) والبيهقيّ في «الكبرى» (٢/ ٣٩٦) و «الشّعب» (رقم: ٢٠٤٠، ٢١٥٨) من طرق عن أبي جمرة، به. وإسناده صحيح.
والهذرمة: السّرعة في القراءة.