(سميعا عليما) أو قلت: (عليما سميعا) فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب» (١).
أراد ﷺ أنّ اختلافهما حين اختلفا في القراءة لم يكن عن تضادّ، فإنّ القرآن أنزل على هذا الوجه وعلى هذا، وما دام الوجهان متّفقين كالتّقديم والتّأخير في المثال المذكور، أو التّنويع فيه بذكر لفظ بدل لفظ، واللّفظان لشيء واحد؛ فليس في هذا من بأس.
ولم يرد ﷺ التّرخيص بأن يبدل التّالي باجتهاده لفظا بلفظ، وإنّما هذا مثل للتّقريب، وأنت تلاحظ في صدر الحديث أنّ أبيّا وابن مسعود إنّما قرآ بما أقرأهما النّبيّ ﷺ لا باجتهادهما.
والشّاهد في هذا الحديث لما قصدناه ظاهر، وهو عود اختلاف الأحرف السّبعة إلى هذا المعنى.
ومثاله في مجيء القراءة النّبويّة بمثل هذه الصّورة؛ ما جاء من حديث
_________
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٥/ ١٢٤) وأبو داود (رقم: ١٤٧٧) وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (٥/ ١٢٤) والطّحاويّ في «مشكل الآثار» (رقم:
٣١١٢، ٣١١٣) من طرق عن همّام بن يحيى، قال: حدّثنا قتادة، عن يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، عن أبيّ بن كعب، به.
قلت: وهذا إسناد صحيح.
وللحديث طرق كثيرة استوعبت شرحها وبيان درجاتها في كتاب «طرق حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف».