وروي في الحديث ما يشهد لهذا المذهب، لكنّه لا يثبت من جهة الإسناد (١).
والقول الرّابع يردّه وجود أكثر هذه الوجوه في المصحف العثمانيّ الّذي عليه قراءات القرّاء، مع أنّ جمع عثمان رضي الله عنه إنّما كان في الإبقاء على حرف من السّبعة وما
كان منها موافقا للرّسم دون سائرها، وذلك درءا للفتنة باختلاف الحروف، فإن كانت تلك الحروف لا زالت جميعا موجودة في المصحف فلا معنى إذا لما صنع عثمان.
كما تردّه الأحاديث المفسّرة في الأحرف السّبعة، كحديث أبيّ بن كعب المتقدّم.
والمقصود بهذه المسألة تبيين كون القرآن أنزل على سبعة أحرف، وأنّها جميعا قرآن أنزله الله تعالى.
ولكن اعلم أنّ هذا الأمر قبل المصحف العثمانيّ، فإنّ تلك الأحرف كانت معروفة لأصحاب النّبيّ ﷺ قبل ذلك، أمّا بعده فإنّ النّاس لم يبق لهم طريق لتمييز تلك الأحرف إلّا بالمقدار الّذي تضمّنه المصحف العثمانيّ، فما لم يكن فيه، فهو حتّى لو ثبت به الإسناد فيجوز عليه من الاحتمال ما يمنع القطع بكونه لم يزل قرآنا، لجواز أن يكون من المنسوخ تلاوة، والعلّة ورود نقله بطريق الآحاد، وما في المصحف منقول بطريق التّواتر.
_________
(١) روي من حديث ابن مسعود، وإسناده ضعيف، شرحت علّته في الكتاب المذكور آنفا حول هذا الحديث.


الصفحة التالية
Icon