لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ٤٧ [الحاقّة: ٤٤ - ٤٧]، فإذا كان هذا الوعيد في حقّ نبيّ الله ومصطفاه، فكيف يمكن لأحد بعده أن يبدّل كلام الله؟ فقاتل الله أهل الأهواء!
عن نافع مولى عبد الله بن عمر، قال:
خطب الحجّاج (يعني الثّقفيّ) فقال: إنّ ابن الزّبير (يعني عبد الله) يبدّل كلام الله تعالى، قال: فقال ابن عمر، رضي الله عنهما: كذب الحجّاج، إنّ ابن الزّبير لا يبدّل كلام الله تعالى، ولا يستطيع ذلك (١).
وفي قوله تعالى في الآية المتقدّمة: وَلا مِنْ خَلْفِهِ مع قوله:
وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ دليل على سلامة القرآن ما أبقاه الله بين أيدي النّاس، محفوظ بحروفه كما أنزله الله، يقرأه النّاس في كلّ زمان وكأنّه حديث عهد بالله ربّ العالمين، كأنّما رسول الله ﷺ بين أيديهم يتلوه عليهم وعنه يأخذونه غضّا طريّا.
وهذا مقدّمة لتمكين الأمّة من حفظ القرآن، فما يأتي بيانه من مراحل جمعه ومصيره إلى المصاحف، فهو الطّريق الّذي أراد الله تعالى به حفظ هذا القرآن ليبقى حجّته على العالمين، وفيه دليل على أنّ ما قامت به الأمّة بعد نبيّها ﷺ بخصوص ذلك كان ممّا أراده الله قدرا
لحفظ كتابه، وسخّرهم له
_________
(١) أثر صحيح. أخرجه البيهقيّ في «الأسماء والصّفات» (رقم: ٥٢٨) وإسناده صحيح.