وتعرّض لأنواع الوقف فذكر الوقف الحسن عند أبي عمرو، والوقف غير التّام عند عاصم، ووقف الضّرورة عند حمزة، والوقف التام عند الباقين.
ثم شرح ما يتعلّق برسم المصحف في حال الوقف من حيث حذف الياء وإثباتها، وذكر مذهب يعقوب في ذلك، فذكر أنّ يعقوب يصل ويقف على كل ياء محذوفة من وسط الآي وهي في ست وثمانين موضعا، فمثل ما هو في وسط الآي قوله تعالى: دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة ١٨٦)، وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (البقرة ١٩٧). ومثل ما في أوائل الآي نحو قوله تعالى: فَارْهَبُونِ* (البقرة ٤٠، النحل ٥١)، وَلا تَكْفُرُونِ (البقرة ١٥٢). كما أنه يقف على كل ياء محذوفة عند ساكن بياء نحو قوله تعالى: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ (النساء ١٤٦)، وبِالْوادِ الْمُقَدَّسِ* (طه ١٢، النازعات ١٦) والْجَوارِ الْكُنَّسِ (التكوير ١٦)، وفَما تُغْنِ النُّذُرُ (القمر ٥). وأنّه يقف بهاء على مثل قوله تعالى: «وهوه»، «وهيه»، «لهيه». وأنّ روحا يقف على مثل قوله تعالى: (عليّ)، (إليّ)، (لدي)، (بم)، (فيم) بهاء حيث كن.
وعقد بابا في ذكر تجريد الرّواية وتجريد التّلاوة عنهم. وعرض في هذا الباب إلى مذاهب القراء في التّجويد، فأبو عمرو وابن كثير ويعقوب مثلا كانوا يؤثرون التّخفيف والتّسهيل، وكذلك نافع إلّا ورشا، فإنّه قرأ بالتّجويد والتّمطيط، وإشباع الحركات، ومراعاة المشدد، وتخفيف المخفف، واستيفاء حروف المد، وتصحيح الهمزات، وتعديل المدّات، وإشباع الضّم قبل الواو، وترتيل الحروف، والتّوقف على الحروف وإخراجها من مخارجها بلا تكلّف، وإعطاء كلّ حرف حقّه من البيان
والإخفاء والإدغام والتّشديد والتّخفيف والحركة والسّكون. ثم عرض بعد ذلك لمذهب عاصم ثم ابن عامر، ثم أشار إلى أنّه قد شرح ذلك شرحا وافيا في كتابيه «الإيضاح» و «الاتّضاح».
وتحدّث في آخر الكتاب عن التّكبير عند ابن كثير بكلام يسير أشار فيه إلى أنّ ابن كثير إذا ختم «والضّحى» كبّر إلى آخر القرآن موصولا بالتّسمية.
وجعل هذا الباب عند آخر كلامه لفرش الحروف في سورة الفلق. وأشار ابن الجزري «١». إلى أنّ بعض المؤلفين من لم يذكر هذا الباب أصلا كابن مجاهد في «سبعته» وابن مهران في «غايته»، وكثير منهم يذكره مع باب البسملة متقدّما كالهذليّ وابن مؤمن، والأكثرون أخّروه لتعلّقه بالسّور الأخيرة، ومنهم من يذكره في موضعه عند سورة والضّحى وأ لم نشرح كأبي العز القلانسيّ والحافظ أبي العلاء الهمذانيّ وابن شريح، ومنهم من أخّره إلى بعد إتمام الخلاف وجعله آخر كتابه، وهم الجمهور من المشارقة والمغاربة وهو الأنسب لتعلّقه بالختم والدّعاء وغير ذلك.

(١) النشر: ٢/ ٤٠٥.


الصفحة التالية
Icon