أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، قَالَ:
١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِيِّ، وَشَيْبَةَ بْنِ نَصَّاحٍ، وَنَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، " أَنَّهُمْ قَرَءُوهَا: ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْمَعْنَى فِي قِرَاءَةِ هَؤُلَاءِ، إِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النِّسْيَانِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَضَافَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ اخْتِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَفْعَلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَّا مَا وَفَقَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، فَإِذَا أَنْسَاهُ نَسِيَ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ خَاصَّةً أَرَادَ بِالنِّسْيَانِ التَّرْكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَوْ نُنْسِهَا قَالَ: نَتْرُكْهَا فَلَا نُبَدِّلْهَا، فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ: -[١٤]- ﴿كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تَنْسَى﴾ [طه: ١٢٦]، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] هُوَ فِي التَّفْسِيرِ التَّرْكُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَضِلَّ وَلَا يَنْسَى، فَهَذَا فَصْلُ مَا بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ وَالْقِرَاءَتَيْنِ فِي النَّسْءِ وَالنِّسْيَانِ. وَأَمَّا النَّسْخُ: فَإِنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلِكُلِّهَا شَوَاهِدُ وَدَلَائِلُ، فَأَحَدُهَا: نَسْخُ الْقُرْآنِ مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ، وَهُوَ عِلْمُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ، وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ مَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: أَنَّهُ إِبْدَالُ الْآيَةِ مَكَانَ الْآيَةِ، ثُمَّ أَوْضَحَهُ مُجَاهِدٌ، فَقَالَ: يُثْبِتُ خَطَّهَا وَيُبَدِّلُ حُكْمَهَا، فَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَالِمِ أَنَّ الْآيَةَ النَّاسِخَةَ وَالْمَنْسُوخَةَ جَمِيعًا ثَابِتَتَانِ فِي التِّلَاوَةِ وَفِي خَطِّ الْمُصْحَفِ، إِلَّا أَنَّ الْمَنْسُوخَةَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا، وَالنَّاسِخَةُ هِيَ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَهَا وَالْأَخْذَ بِهَا وَأَمَّا النَّسْخُ الثَّانِي: فَأَنْ تُرْفَعَ الْآيَةُ الْمَنْسُوخَةُ بَعْدَ نُزُولِهَا، فَتَكُونُ خَارِجَةً مِنْ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَمِنْ ثُبُوتِ الْخَطِّ وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ عِدَّةٌ