٢٥١ - فَإِنَّ هُشَيْمًا حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: " ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ [البقرة: ١٧٨] قَالَ: " كَانَ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ قِتَالٌ، وَكَانَ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ تَفَضُّلٌ عَلَى الْأُخْرَى، فَقَالُوا: نَقْتُلُ بِالْعَبْدِ مِنَّا الْحَرَّ مِنْكُمْ وَبِالْمَرْأَةِ مِنَّا الرَّجُلَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَبَاءَوْا " قَالَ: هَكَذَا قَالَ هُشَيْمٌ وَهِيَ فِي الْعَرَبِيَّةِ: يَتَبَاوَوْا، مِثَالُهَا: يَتَبَاوَعُوا
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
٢٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: " ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ [البقرة: ١٧٨] فِي الْقَتْلَى الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ قَالَ: كَانُوا -[١٣٩]- لَا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالْمَرْأَةِ، وَلَكِنْ يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةَ بِالْمَرْأَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿النَّفْسُ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] قَالَ: فَجَعَلَ الْأَحْرَارَ فِي الْقِصَاصِ سَوَاءً فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْعَمْدِ، رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ مُتَسَاوِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ١٠ " يَذْهَبُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا نَرَى إِلَى أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ ﴿النَّفْسُ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] لَيْسَتْ بِنَاسِخَةٍ لِلَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: ﴿الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَلَا هِيَ خِلَافُهَا، وَلَكِنَّهُمَا جَمِيعًا مُحْكَمَتَانِ، إِلَّا أَنَّهُ رَأَى أَنَّ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ كَالْمُفَسِّرَةِ لِلَّتِي فِي الْبَقَرَةِ فَتَأَوَّلَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿النَّفْسُ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّ أَنْفُسَ الْأَحْرَارِ مُتَسَاوِيَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْعَبِيدِ، وَأَنَّهُمْ يَتَكَافَئُونَ دِمَاؤُهُمْ ذُكُورًا كَانُوا أَمْ إِنَاثًا، وَأَنَّ أَنْفُسَ الْمَمَالِيكِ مُتَسَاوِيَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْأَحْرَارِ تتكافأ دماؤهم ذكورا كانوا أم أناثا، وأنه لا قصاص للماليك على الأحرار فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ نَفْسٍ، وَلَا مَا دُونَهَا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الْحَرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ [البقرة: ١٧٨] وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ، لَا يَرَوْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنَ الْحَرِّ لِلْمَمْلُوكِ فِي نَفْسٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ رَأَى مِنْهُمْ أَنَّ آيَةَ: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ [البقرة: ١٧٨] مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا: ﴿النَّفْسُ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] فِي قَوْلِهِ، فَيَجْعَلُونَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ خَاصَّةً وَلَا يَرَوْنَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ قِصَاصًا " -[١٤٠]- قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَالْقَوْلُ الَّذِي نَخْتَارُهُ فِي هَذَا مَا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَتَيْنِ أَحَدِهِمَا: تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ الَّذِي فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ قَوْلٌ يُوَافِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَا يَخْتَلِفُ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ فَلَيْسَ بِمُتَّفِقٍ مِنَ التَّنْزِيلِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ [المائدة: ٤٥]، فَأَخَذَ هَؤُلَاءِ بِأَوَّلِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿النَّفْسُ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] وَتَرَكُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَأْخُذَ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ ذَلِكَ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ، فَهَذَا مَا نُسِخَ مِنْ حُدُودِ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا مَا نُسِخَ مِنْ حُدُودِ السُّنَّةِ "
نتائج البحث
